قصه نبي الله يعقوب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النبي إسحاق بن إبراهيم وابنه يعقوب وأولادهما
ولد إسحاق ولأبيه مائة بعد أخيه إسماعيل بأربع عشر سنة وكان عمر امه سارة حين بشرت به تسعين سنة
قال تعالى (( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين 112 وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين 113 )) الصافات
ذكر أهل الكتاب أن إسحاق لما تزوج رفقا بنت بتوائيل في حياة أبيه كان عمره أربعين سنه وكانت زوجته عاقرا فدعا الله فحملت فولدت غلامين توأمين هو العيص هو والد الروم ويعقوب وهو إسرائيل الذي ينتسب له بنو إسرائيل .
قيل : أن إسحاق كان يحب العيص أكثر من يعقوب وأمهما رفقا كانت تحب يعقوب .
فلما كبر إسحاق وضعف بصره اشتهى طعاما أمر ابنه العيس أن يذهب فيصطاد صيدا ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له وكان العيس صاحب صيد فأمرت رفقا ابنها يعقوب لأن يذبح جديين من خيار غنمه ويصنع منهما طعاما ويأتى به لابيه قبل أخيه ليدعو فقامت أمه فألبسته ثياب أخيه وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين لان العيس كان أشعر الجسد ويعقوب ليس كذلك فلما جاء إلى أبيه فضمه إليه وجسه فقال الصوت صوت يعقوب والجس الثياب فالعيص فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر أخوته قدرا وان يكثر رزقه وولده فلما خرج من عنده جاء أخوه العيس بما أمره أبيه وقدم لأبيه ما طلبه فقال أبيه أما جئتني به قبل ساعة وأكلت ودعوت لك فقال لا والله وعرف أن أخاه سبقه إلى ذلك فغصب وتوعد بقتل أخيه إذا مات أبوهما فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيس أخاه يعقوب أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها أبان الذي بأرض حران ويجلس عنده حتى يهدا غضب أخيه .
فخرج يعقوب عليه السلام فأدركه المساء في موضع فنام فيه ووضع حجر تحت رأسه ونام فرأى في نومه معراجا منصوبا من السماء إلى الأرض وإذا الملائكة يصعدون فيه وينزلون والرب تبارك وتعالى يخاطبه ويقول له : إني سأبارك عليك وأكثر ذريتك وأجعل لك هذه الأرض ولعقبك من بعدك فلما صحا من نومه فرح بما رأى ونذر لله لئن رجع إلى أهله سالما ليبنين قي هذا الموضع معبدا لله وهو موضع بيت المقدس الذي بناه يعقوب بعد ذلك .
فلما قدم يعقوب على خاله في أرض حران إذا له ابنتان اسم الكبرى ليا والصغرى راحيل وكانت الصغرى جميلة والكبرى كانت ضعيفة العينين وقبيحة المنظر فطلب يعقوب أن يزوجه الصغرى فشرط عليه أن يرعى علىغنمه سبع سنين فلما مضت المدة صنع أبان طعاما وجمع الناس عليه وزف إليه ليلا ابنته الكبرى ليا فقال لخاله لقد غدرت بي وأنا خطبت الصغرى راحيل فقال : إنه ليس من سننا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى فإن أحببت أختها فاعمل سبع سنين وأزوجكها فعمل سبع سنين وادخلها عليه مع أختها وهذا كان جائز في شريعتهم ثم نسخ في شريعة التوراة .
ووهب أبان لكل واحدة من ابنتيه جاريه فوهب ليا زلفى ووهب راحيل بلهى .
جبر الله ضعف ليا بأن وهب لها أولاد فولدت ليعقوب ستة من الأولاد وابنه واحدة هم روبيل وشمعون ولارى ويهوذا وايساخر وزابلون والبنت دينا
وكانت راحيل لا تحمل فوهبت ليعقوب جاريتها بلهى فحملت بغلامين دان ونفتالى فوهبت ليا جاريتها ليعقوب فحملت بغلامين جاد وأشير .
فدعت راحيل ربها فسمع الله دعائها فحملت بغلامين يوسف وبنيامين كل هذا وهم مقيمون بأرض حران فطلب يعقوب من خاله أبان أن يسرحه ليذهب إلى أهله فقال له خاله : إني قد بورك لى بسبك فسال من مالى ما شئت فقال : تعطيني كل حمل يولد من غنمك هذه السنة أبقع وكل حمل ملمع أبيض بسواد وكل أملح ببياض وكل أجلح أبيض من المعز فقال : خاله نعم فعمد بنوه فأبرزوا من غنم أبيهم ما كان على هذه الصفات من التيوس لئلا يولد شئ من الحملان على هذه الصفات فعمد يعقوب عليه السلام إلى قضبان رطبه بيض من لوز ولب فكان يقشرها وينصبها في مساقى الغنم من المياه لتنظر الغنم إليها فتفزع وتتحرك أولادها في بطونها فتصير ألوان حملانها كذلك وهذا يكون من خوارق العادات فصار ليعقوب أغنام كثيرة ودواب وعبيد فغصب خاله وبنيه فرحل يعقوب بأهله وماله إلى أهله وسرقت راحيل أصنام أبيها فلحق بهم أبان وقومه فلما اجتمع يعقوب عاتبه على خروجه بغير علمه هلا اعلمه ليحتفل بهم ويودع بناته وأولادهن ولم اخذوا أصنامه معهم ولم يكن عند يعقوب علم من أصنامه فأنكر ذلك فدخل بيوت بناته يفتش عنها فلم يجدلان راحيل قد جعلتهن في بردعة الجمل وهي تحتها فلم تقم واعتذرت بأنها طامث فلم يقدر عليهن ووصى يعقوب على بناته وودع كل منهما الأخر .
فيعث يعقوب الرسل إلى اخيه العيس حتى يتواضع له ويرفق به فرجعت الرسل إلى يعقوب فأخبرته بأن العيس قد ركب إليه في أربعمائة راجل فخاف يعقوب من ذلك فدعا الله وتضرع إليه وساله ان يكف عنه شر اخيه واعد لاخيه هدية عظيمة وهي مائتان شاة وعشرون تيسا ومائتان نعجة وعشرون كبشا وعشرون أتانا وعشره من الحمر وامر عبيده أن يسوقوا هذه الأصناف إلى أخيه.
وتأخر يعقوب بزوجيته وأمتيه وبنيه الأحد عشر بعد الكل بليلتين وجعل يسير فيهما ليلا ويكمن نهارا فلما كان وقت الفجر من الليلة الثانية فظهر له ملك من الملائكة في صورة رجل فظنه يعقوب رجلا فتصارع معه الا ان الملك اصاب وركه فعرج يعقوب فلما أضاء الفجر قال له الملك ما اسمك قال يعقوب قال لا ينبغى أن تدعى بعد اليوم إلا إسرائيل .
ورفع يعقوب عينيه فإذا أخوه العيس قد اقبل في أربعمائة راجل فلما رأى أخاه العيس سجد له سبع مرات وكانت هذه تحيتهم فلما راه العيس تقدم إليه واحتضنه وقبله وبكى وسجد له جميع ابنائه وزوجتيه وامتيه
وعرض عليه أن يقبل هدية فقبلها .
ذكر أهل الكتاب قصة دينا بنت يعقوب بنت ليا وما كان من امرها مع شخيم بن جمور الذي قهرها على نفسها وأدخلها منزله ثم خطبها من أبيها وإخوتها فقال إخوتها : إلا أن تختتنوا كلكم فنصاهركم وتصاهرون فانا لا نصاهر قوما غلفا فأجابوهم واختتنوا كلهم فلما كان اليوم الثالث واشتد وجعهم مال عليهم بنو يعقوب فقتلوهم عن أخرهم وقتلوا شخيما لقبيح ما صنعوا إليهم أضافا إلى كفرهم وكانوا يعبدون من الأصنام فلهذا قتلهم بنو يعقوب واخذوا أموالهم غنيمة .
وجاء يعقوب إلى أبيه إسحاق فأقام عنده بقرية حبرون في ارض كنعان حيث كان يسكن إبراهيم الخليل عليه السلام ثم مرض إسحاق ومات عن مائة وثمانين ودفناه ابناه العيس ويعقوب مع أبيه إبراهيم في المغارة التي اشتراها .